الملفت للنظر والذي يجذب انتباهك عند مدخل قلعة دمشق الأثرية ذاك الرجل المسن الذي اتخذ مكانا بالقرب من جدار القلعة لجعله عالمه الخاص الذي يبحر فيه بمزج الفن والإبداع بلوحة دمشقية ووجه ياسمينة ونفحة عطر، ولنتحدث عن هذا التراث الأثري والفني أجرت مجلة زهرة السوسن حوارا خاصا مع الفنان المتجول جميل طلال علمدار.
وقال علمدار: في بداية الحوار انه امتهن الرسم في الشوارع واكتشف أنه عمل مهم ورائع، كيف تجلس على حافة الطريق وتلتقط ريشتك وتبدأ برسم ملامح وتفاصيل المارة، دون أقنعة، وتختلط مع مختلف شعوب وثقافات المجتمع، وكافة طبقاته.
وبين أنه عندما كان يبلغ من العمر /25/ عاما راودته هذه الفكرة عندما سمع عدة أخبار من دول غربية، يتواجد فيها فنانين امتهنوا الرسم بالشوارع، يعبرون عن موهبتهم بطريقة ملفتة وغير مألوفة، حينها تحمست للفكرة أكثر، وبدأت أستعد لها، وبعد إنهاء دراستي في سورية وحصولي على شهادة المعهد، سافرت إلى ايطاليا، والغريب أنه منذ اليوم الأول الذي وصلت فيه بدأت العمل، وكان الانتاج مبهر، فكانت هذه الخطوة بمثابة مفاجأة بالنسبة لي.
وأضاف أنه بعد مرور فترة زمنية اعتاد على العيش والرسم في الشوارع، وبدأ يتنقل من مدينة إلى أخرى، في ايطاليا واسبانيا ودول اوربية محيطة، واعمل بهذا المجال، على سبيل المثال : عند إقامة مهرجان في مدينة معينة لمدة اسبوع كمهرجان التفاح أو مهرجان لاحد القديسين المشهورين، كنت اذهب وارسم، حينها كنت شاب أحب الحماس الاكتشاف والجو كان جدا رائع ومختلف.
وذكر علمدار انه في عام 1990 م عاد إلى سورية نتيجة لظرف عائلي، ولم يستطع بعد السفر لاكمال ما بدأ به، بسبب حصول بعض التعقيدات، لافتا أنه لم يستطع الحصول خلال فترة عمله في الخارج على ثروة ولكنه حقق الاكتفاء الذاتي إلى حدٍ ما، وذلك لأن الفنانين يعرضون رسوماتهم ولوحاتهم الفنية ضمن معارض، بينما هو لم يستطع عرضها لان التكاليف عالية جدا، مشيرا إلى أنه شارك بمعارض جماعية ولكنه لم يتوسع بها، وهذا لعدم وجود استقرار مادي ان كان في الخارج او في بلدي سورية، وعند عودتي قمت بإقامة معرض في المركز الثقافي ولكن لم يعد علي بالمال، لانه يجب تمويله والمفروض وجود مورد اساسي.
وكشف أنه أول مكان جلس فيه ورسم بعد عودته، هو حي العمارة في القيمرية بدمشق، وبعدها اصبح ينتقل من مكان إلى آخر، حتى استقر عند القعلة الآثرية، وبقي بهذا المكان منذ عام 1992 إلى اليوم، مبينا أنه قبل الحرب كان يسافر إلى عدة دول مجاورة ليعمل منها : تركيا والاردن ومصر لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
وفيما يتعلق بإجرة الرسمة أشار إلى أنه كان يتقاضى في السابق من 100 إلى 200 ليرة سورية، بينما اليوم 15000 ألف ليرة سورية، منوها أنه لا يوجد من سيرث مهنته، مبررا أن المجتمع الذي نعيش فيه لا يحبذ هذه المهنة، وحتى الفنان لا يرغب بها، بل يريد دوما أن يكون متبنى من جهة معينة، ولا يحب الاستقلال.
وختم علمدار الحوار بتوجيه رسالة للشابات والشبان في المجتمع أن من لديه فكرة او عمل بناء مقتنع فيه، ويمكن أن يخرج منه بنتيجة مبهرة، يستمر فيه ويدعمه، ولا يستمع لآراء الاخرين وانتقادتهم، ويبذل كل ما بوسعه ليمنح هذه الفكرة والعمل صورة تغير معتقدات الرافضين لها وتقدمها بأبهى حلة.
ملك محمود